الاكتئاب.. حين يثقل الحزن القلب ويعتم العالم.

الاكتئاب.. حين يثقل الحزن القلب ويعتم العالم.

كتبت الاخصائية النفسية : ياسمين علي 

لم يعد الاكتئاب مجرد حالة من الحزن العابر أو التقلب المزاجي، بل أصبح يُعرف اليوم كأحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعًا حول العالم. هو مرض حقيقي، له أسبابه وأعراضه وعلاجه، ويحتاج إلى تفهّم ودعم لا إلى إنكار أو استهانة.

 ما هو الاكتئاب؟

الاكتئاب هو اضطراب نفسي يؤثر في التفكير والمشاعر والسلوك، ويؤدي إلى شعور دائم بالحزن وفقدان الاهتمام بالأنشطة اليومية. يشعر المصاب كأن الحياة فقدت معناها، وقد تراوده أفكار سلبية تجاه نفسه والعالم من حوله.

ويختلف الاكتئاب عن الحزن الطبيعي الذي يرافق المواقف الصعبة، إذ يستمر لفترة طويلة ويؤثر في قدرة الشخص على العمل، الدراسة، أو حتى القيام بالمهام اليومية البسيطة.

 الأسباب والعوامل المؤثرة

تتداخل عوامل عديدة في نشأة الاكتئاب، منها:

عوامل بيولوجية: اضطراب في كيمياء الدماغ ونقص بعض النواقل العصبية مثل السيروتونين.

عوامل وراثية: احتمالية الإصابة تزداد إذا كان أحد أفراد العائلة يعاني من اضطرابات مشابهة.

عوامل نفسية واجتماعية: التعرض المستمر للضغوط، أو فقدان شخص عزيز، أو صدمات الطفولة.

عوامل حياتية: العزلة، قلة الدعم الاجتماعي، أو حتى نمط حياة غير صحي يفتقر للنوم الكافي والنشاط البدني.

 أعراض الاكتئاب

قد تختلف الأعراض من شخص لآخر، لكن أبرزها تشمل:

شعور دائم بالحزن أو الفراغ الداخلي.

فقدان الاهتمام بالأشياء التي كانت تُمتع الشخص سابقًا.

اضطرابات في النوم (أرق أو نوم مفرط).

ضعف التركيز وصعوبة اتخاذ القرارات.

تغيرات في الشهية والوزن.

شعور بالذنب أو انعدام القيمة.

في الحالات الشديدة، قد تصل الأفكار إلى إيذاء النفس أو الانتحار – وهنا يجب طلب المساعدة فورًا.

 كيف يمكن التعامل مع الاكتئاب؟

أول خطوة هي الاعتراف بالمشكلة وطلب المساعدة، فالاكتئاب ليس ضعفًا في الشخصية ولا دليلاً على قلة الإيمان، بل هو مرض يحتاج للعلاج مثل أي مرض عضوي آخر.

طرق العلاج تشمل:

1. العلاج النفسي: مثل العلاج السلوكي المعرفي الذي يساعد على تصحيح الأفكار السلبية.

2. العلاج الدوائي: يصف الطبيب مضادات اكتئاب عند الحاجة.

3. الدعم الاجتماعي: التحدث مع العائلة أو الأصدقاء المقربين يخفف العبء العاطفي.

4. تغيير نمط الحياة: ممارسة الرياضة، التغذية المتوازنة، النوم المنتظم، والابتعاد عن العزلة.

 الجانب الإنساني والديني

من منظور ديني وإنساني، الاكتئاب لا يُنافي الإيمان ولا الصبر. فحتى الأنبياء مرّوا بلحظات ضيق وحزن، والله سبحانه يقول:

> “ولا تيأسوا من روح الله، إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون” (سورة يوسف: 87)

الإيمان والذكر والصلاة يمكن أن يكونوا سندًا نفسيًا قويًا، لكنهم لا يغنون عن العلاج الطبي أو النفسي، بل يكملونه.

” رسالة أمل”

الاكتئاب يمكن علاجه، والتعافي منه ممكن تمامًا. فقط لا تلتزم الصمت. تحدّث، اطلب المساعدة، وامنح نفسك الفرصة لتتعافى. فالحياة — رغم ما فيها من ألم — تستحق أن تُعاش.

تغطية موقع جريدة الوطن اليوم الدولي. 

اظهر المزيد