النقد بين الهدم والبناء.

النقد بين الهدم والبناء.
🟥في كل مجلس، لا بد أن تنبعث رائحة النقاشات الحادة عن مؤسسة ما، شركة تتعثر، إدارة تتخبط، مهازل انتخابات. أو حتى دولة تمر بأزمة. ويبدأ العرض المسرحي: أصوات ترتفع، آراء تتطاير، و”محللون” يوزعون الحلول كما لو أنهم يملكون مفاتيح النجاة. في الظاهر، يبدو الأمر تفاعلاً طبيعياً، فالنقد جزء من الوعي، والنقاش من حق الجميع… ولكن! يجب أن يكون النقد بناءا وليس هداما ومن
العجيب أن كثيرًا ممن يتصدرون هذا المشهد بالكلام، عاجزون عن إدارة أصغر الدوائر: شركاتهم أو حملاتهم أو حتى بيوتهم. لا يستطيع أن يضبط ميزانية، أو يحقق استقرارًا بسيطًا في حياته المهنية أو الشخصية، لكنه يتحدث بثقة مفرطة عن استراتيجيات كبرى، كأنهم يملكون خارطة الحلول النهائية.
هؤلاء لا ينتقدون لإصلاح، بل للتباهي. لا يحللون لفهم، بل للظهور. ومشكلتهم ليست فقط في فرط الثقة، بل في الجهل المركّب: لا يدرون، ولا يدرون أنهم لا يدرون. يتخيلون أن جهلهم وفلسفتهم يسد نقص المعرفة، وأن نجاحًا سابقًا يعني الإلمام المطلق في كل أمور وجوانب الحياة.
🟥 هناك من ينتقد كل شيء، أي شيء، كأنه “أبو العريف”. لا ترى مثله شخصًا “فاهمًا” في كل موضوع، في كل الجوانب، لا يعجبه عجب، ولا يترك شاردة ولا واردة إلا وله فيها رأي، حتى لو كان رأيًا هشًّا لا يسنده منطق ولا علم. يعيش دور الخبير الدائم، ويظن أن مخالفة كل رأي هي علامة ذكاء، وأن الإنكار المستمر يعطيه هيبة ومكانة.
🟥 رحم الله امرأً عرف قدر نفسه، وترك النقد لمن يملك أدواته. أما من امتهن التنظير بلا وعي، فليس إلا متفرجًا على حلبة لا يجيد اللعب فيها، لكنه يصرّ على الصراخ من الصفوف الخلفية.
🟥 الفرق كبير بين النقد البناء، والتطاول المدمر. وبين صاحب الرؤية، وصاحب الثرثرة. أما المجالس، فتبقى مرآة للمجتمع: تفضح العقول، وتكشف من يُحسن الصمت، ومن لا يُجيد حتى الكلام.
واسعد الله ايامكم وصبحكم الله بكل خير ودمتم بحفظ الله ورعايته
منقول
تغطية موقع جريدة الوطن اليوم الدولي