الأذى النفسي غالبًا يكون أخطر من الأذى الجسدي، لأنه يتسلل ببطء ويغير طريقة رؤية الشخص لنفسه وللعالم فما هى العلاقات المؤذية؟

الأذى النفسي غالبًا يكون أخطر من الأذى الجسدي، لأنه يتسلل ببطء ويغير طريقة رؤية الشخص لنفسه وللعالم فما هى العلاقات المؤذية؟

كتبت : ياسمين علي
العلاقات المؤذية ليست دائمًا صاخبة أو واضحة، بل قد تأتي في صورة صمت طويل، أو انتقاد متكرر، أو شعور دائم بأنك لست كافيًا. قد نتمسك بعلاقة تُرهقنا دون أن ندرك حجم الضرر النفسي الذي نتعرض له يوميًا، لأن الألم أحيانًا يصبح جزءًا من الاعتياد.
ما هي العلاقة المؤذية؟
العلاقة المؤذية هي علاقة يتسبب فيها أحد الطرفين – أو كلاهما – في أذى نفسي أو عاطفي أو حتى جسدي للطرف الآخر. قد يكون الأذى مباشرًا كالصراخ والإهانة، أو غير مباشر مثل التجاهل، التقليل، أو التحكم المفرط. وفي كل الحالات، ما يجمع هذه العلاقات هو أنها تستنزف طاقة الشخص وتُضعف تقديره لذاته.
علامات العلاقة المؤذية
1. الشعور المستمر بالقلق أو الخوف
عندما يتحول وجود الطرف الآخر إلى مصدر توتر وليس أمان.
2. التقليل من شأنك أو السخرية منك
خصوصًا عندما يكون الهدف كسر الثقة بالنفس.
3. التلاعب العاطفي (Gaslighting)
كأن يشعرك المتسبب في الأذى أنك أنت المذنب دائمًا أو أنك تتوهم.
4. العزلة والتحكم
محاولة منعك من رؤية أصدقائك أو اتخاذ قراراتك الخاصة.
5. استنزاف طاقتك ومشاعرك
تشعر أنك دائمًا تبذل مجهودًا لإنقاذ العلاقة بينما الطرف الآخر لا يقدم شيئًا.
6. غياب الاحترام والمساحة الشخصية
العلاقة الصحية لا تحتاج إلى السيطرة، بل إلى احترام حدود كل شخص.
لماذا نستمر في علاقة مؤذية؟
هناك عدة أسباب نفسية تجعل بعض الأشخاص يظلون في علاقات تضرهم:
الخوف من الوحدة
الاعتقاد بأن الخروج من العلاقة أصعب من تحمل الأذى.
التعلق العاطفي
حتى لو كان الشخص يؤذيك، قد ترتبط به لأنك تعودت عليه.
الأمل في التغيير
“يمكن يتغير… المرة دي هتكون مختلفة.”
نقص تقدير الذات
الشخص الذي لا يرى قيمته قد يقبل بمعاملة لا يستحقها.
التطبيع مع الأذى
خصوصًا لمن نشأ في بيئة كانت العلاقات المؤذية فيها أمرًا معتادًا.
الأثر النفسي للعلاقة المؤذية
العلاقات المؤذية تترك ندوبًا لا تُرى، مثل:
انخفاض تقدير الذات
القلق والاكتئاب
فقدان الثقة بالآخرين
الشعور بالذنب والخجل
صعوبة بناء علاقات صحية لاحقًا
الأذى النفسي غالبًا يكون أخطر من الأذى الجسدي، لأنه يتسلل ببطء ويغير طريقة رؤية الشخص لنفسه وللعالم.
كيف تتعافى من علاقة مؤذية؟
1. الاعتراف بالأذى
الاعتراف هو الخطوة الأولى في التحرر.
2. وضع حدود واضحة
تعلم أن تقول: “لا”، وأن تحمي مساحتك الشخصية
3. طلب الدعم
من الأصدقاء، العائلة، أو مختص نفسي يساعدك على إعادة بناء ثقتك.
4. فهم نمطك العاطفي
لماذا قبلت بالأذى؟ وما الذي تحتاج لتغييره بداخلك؟
5. التسامح مع نفسك
لا تلُم نفسك على البقاء… كثيرون مرّوا بهذا الطريق.
6. إعادة اكتشاف ذاتك
ممارسة الهوايات، العناية بالنفس، وتعلم طرق صحية للتواصل العاطفي.
خاتمة
العلاقات المؤذية تُفقد الإنسان جزءًا من سلامه الداخلي، لكنها ليست نهاية الطريق. كل تجربة صعبة تحمل درسًا عميقًا: أنك تستحق علاقة تُشبهك، ترفعك لا تُنهكك، تَمنحك الأمان لا الخوف، وتساعدك على النمو لا الانطفاء.
استحقاقك للحب والاحترام ليس شيئًا يقرره الآخرون… بل أنت.
تغطية موقع جريدة الوطن اليوم الدولي .

