الأمان النفسي.. حجر الأساس في استقرار الإنسان وتوازنه الداخلي.
الأمان النفسي.. حجر الأساس في استقرار الإنسان وتوازنه الداخلي.
كتبت :ياسمين علي .
يُعدّ الأمان النفسي أحد أهم احتياجات الإنسان بعد الحاجات الفسيولوجية الأساسية مثل الطعام والمأوى، إذ لا يمكن لأي شخص أن يعيش حياة متزنة أو يحقق نجاحًا حقيقيًا دون أن يشعر بالطمأنينة والاستقرار الداخلي. فالشعور بالأمان لا يقتصر على غياب الخطر المادي، بل يمتد ليشمل الأمان العاطفي والفكري والاجتماعي الذي يمنح الإنسان راحةً وهدوءًا في علاقاته ومع ذاته.
من الناحية النفسية، يُعرّف الأمان بأنه الإحساس بالثقة في النفس والآخرين، والقدرة على مواجهة الحياة دون خوف مفرط أو قلق دائم. فعندما يشعر الإنسان أنه مقبول كما هو، وأن بيئته خالية من التهديد أو الإقصاء، يبدأ في التعبير عن نفسه بصدق، ويصبح أكثر قدرة على النمو والتطور.
ويؤكد خبراء علم النفس أن فقدان الأمان النفسي يعدّ أحد أبرز أسباب الاضطرابات النفسية مثل القلق المزمن، وانخفاض تقدير الذات، وحتى الاكتئاب. فالشخص الذي يعيش في بيئة متوترة أو ناقدة باستمرار، يترسخ داخله شعور بعدم الاستحقاق، فيفقد ثقته بنفسه وبالآخرين.
أما مصادر الأمان النفسي فتبدأ من الطفولة، حيث يلعب دور الأسرة دورًا محوريًا في إرساء قواعد الطمأنينة والاحتواء. فالحوار الصادق، والتعبير عن الحب، وتقبّل الأخطاء دون قسوة، كلها ممارسات تبني لدى الطفل شعورًا بأنه محبوب وآمن مهما كانت الظروف. ومع التقدم في العمر، يتحول الأمان إلى مسؤولية ذاتية، إذ يصبح على الفرد أن يصنع بيئته الآمنة بنفسه عبر وضع حدود صحية، واختيار من يحيط نفسه بهم، وممارسة العناية الذاتية.
وفي عالمنا الحديث الذي يتسم بالتسارع والضغوط المستمرة، أصبح الحفاظ على الأمان النفسي تحديًا حقيقيًا. فوسائل التواصل الاجتماعي، وضغوط العمل، والمقارنات المستمرة مع الآخرين، تضع الإنسان في دوامة من القلق والمقارنة المستنزفة. لذلك، ينصح المتخصصون بأهمية الاهتمام بالصحة النفسية كجزء من الروتين اليومي، مثل ممارسة التأمل، والابتعاد عن مصادر الطاقة السلبية، والتحدث بصراحة عن المشاعر مع من نثق بهم.
إن الأمان النفسي ليس رفاهية، بل هو حق إنساني أصيل وضرورة للحياة المتوازنة. ومن يمتلكه، يمتلك القدرة على الحب والعطاء والإبداع، لأنه ببساطة يعيش في سلام مع نفسه ومع العالم من حوله.
تغطية موقع جريدة الوطن اليوم الدولي.
