جامعة مصر للمعلوماتية: خطوة استراتيجية نحو بناء اقتصاد المعرفة.

جامعة مصر للمعلوماتية: خطوة استراتيجية نحو بناء اقتصاد المعرفة.

شهدت العاصمة الإدارية الجديدة حدثًا استثنائيًا في 14 سبتمبر 2025، حيث احتفلت جامعة مصر للمعلوماتية (EUI) بتخريج أول دفعة من طلابها في كليات علوم الحاسب والمعلومات، وتكنولوجيا الأعمال، والفنون الرقمية والتصميم. لم يكن هذا الاحتفال مجرد مناسبة أكاديمية عادية، بل شكل محطة فارقة في مسيرة التعليم العالي في مصر، ورسالة واضحة على المضي قدمًا نحو بناء مجتمع معرفي رقمي قادر على المنافسة عالميًا.

تعليم بمواصفات عالمية

أحد أبرز معالم هذا التخرج هو حصول خريجي كلية علوم الحاسب والمعلومات على شهادة مزدوجة مع جامعة مينيسوتا توين سيتيز (UMN) الأمريكية، المصنفة عالميًا ضمن أفضل 40 جامعة في علوم الحاسب. هذه الشراكة تعكس حرص الدولة على تقديم تعليم بمعايير عالمية، وإتاحة فرص حقيقية للطلاب المصريين للانخراط في بيئات أكاديمية وبحثية متقدمة.

هذا النموذج يختلف عن الصيغ التقليدية للتعليم الجامعي، إذ يجمع بين الدراسة النظرية، والتطبيق العملي من خلال تدريب الطلاب في شركات قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ما يجعل الخريجين مؤهلين لدخول سوق العمل العالمية منذ اليوم الأول لتخرجهم.

رؤية وطنية وطموح عالمي

خلال الاحتفال، أكد المستشار عدلي منصور – الرئيس الأسبق لمصر ورئيس مجلس أمناء الجامعة – أن الجامعة وُلدت من “رؤية طموحة وإيمان حقيقي بضرورة التعليم المتميز”، مشيدًا بجهود أعضاء هيئة التدريس والشراكات مع الجامعات العالمية التي مكنت الطلاب من اكتساب مهارات نوعية. وأرسل منصور رسالة قوية للخريجين بقوله: “أنتم لستم فقط أبناء هذا الوطن، بل ثروته الحقيقية وقادة الغد.”

أما الدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، فأشار إلى أن تأسيس الجامعة جاء استجابة لحاجة ملحّة إلى بناء جيل جديد يسهم في تحقيق التحول الرقمي لمصر، ويشارك في قلب الحراك المعلوماتي العالمي. وأوضح أن خريجي الجامعة ينضمون إلى أكثر من 350 ألف متخصص في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وهو ما يعزز مكانة مصر كمركز إقليمي رائد في هذه الصناعة.

تكريم الرواد وتخليد المؤسسين

لم يغفل الحفل تكريم الرواد الذين ساهموا في وضع اللبنات الأولى للجامعة، وعلى رأسهم الراحلة الدكتورة ريم بهجت، الرئيس المؤسس للجامعة، والتي أُطلق اسمها على دفعة 2025 لتظل حاضرة في ذاكرة المؤسسة. كما تم تكريم عدد من القيادات الأكاديمية التي لعبت أدوارًا محورية في تأسيس البرامج التعليمية.

أهمية إستراتيجية للاقتصاد المصري

إن تخريج أول دفعة من جامعة متخصصة في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بالشرق الأوسط وأفريقيا لا يمثل إنجازًا أكاديميًا فحسب، بل هو استثمار استراتيجي في رأس المال البشري. فالخريجون هم جنود التحول الرقمي، ومفتاح جذب الاستثمارات الأجنبية، وضمانة لتعزيز تنافسية مصر في الأسواق الإقليمية والدولية.

وتأتي أهمية هذا التوجه من كون قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات أحد أسرع القطاعات نموًا في الاقتصاد المصري، ومصدرًا مهمًا للدخل القومي، حيث يساهم في تصدير الخدمات الرقمية لأكثر من 180 شركة عالمية تعمل من داخل مصر.

نحو ريادة إقليمية في اقتصاد المعرفة

جامعة مصر للمعلوماتية، منذ تأسيسها عام 2021، وضعت لنفسها هدفًا واضحًا: أن تكون مركزًا أكاديميًا وبحثيًا رائدًا في المنطقة، وبيت خبرة لتخريج الكفاءات القادرة على مواكبة الثورة الصناعية الرابعة. برامجها المتنوعة في الذكاء الاصطناعي، الأمن السيبراني، تصميم الألعاب، والتسويق الرقمي تؤكد هذا التوجه وتستجيب مباشرة لاحتياجات سوق العمل المستقبلية.

تخريج أول دفعة من جامعة مصر للمعلوماتية ليس مجرد إنجاز تعليمي، بل هو خطوة استراتيجية في رحلة مصر نحو بناء اقتصاد المعرفة والتحول الرقمي. إنه استثمار في العقول الشابة، وتجسيد لرؤية دولة تسعى لأن تكون لاعبًا رئيسيًا في الاقتصاد العالمي الجديد.

فالطلاب الذين احتفلوا بتخرجهم اليوم هم سفراء مصر الرقمية، وحملة رايتها نحو المستقبل.

تغطية موقع جريدة الوطن اليوم الدولي. 

اظهر المزيد