ما حجم التعويل على الشهادات الدولارية الجديدة في مصر؟

يُعول على شهادات الاستثمار الجديدة بالدولار، والتي أطلقها أكبر بنكين حكوميين في مصر (البنك الأهلي وبنك مصر) في المساهمة بفاعلية ضمن جهود الدولة المصرية في توفير النقد الأجنبي ومعالجة أزمة شح العملة الصعبة التي تعاني منها البلاد، لا سيما في ضوء ما توفره تلك الأوعية الجديدة من عائد قياسي يبلغ 7 بالمئة.
وأعلن البنكان -بشكل منفصل- عن إصدار شهادتين لكل منهما، الأولى لأجل ثلاث سنوات بعائد سنوي 7 بالمئة، والثانية لثلاث سنوات بعائد يصرف تراكمياً بنسبة 27 بالمئة مقدماً بالجنيه، وذلك ضمن محاولات البلاد لدعم مواردها من العملة الصعبة الشحيحة.
ويراهن محللون على دور تلك الشهادات في جذب مدخرات وتحويلات المصريين في الخارج بصفة أساسية، ولا سيما في ضوء اعتماد مصر بشكل كبير على تلك التحويلات في دعم توفير العملة الصعبة بالبلاد، غير أن تلك التحويلات قد شهدت تراجعاً خلال الفترة الأخيرة طبقاً لما تُظهره البيانات الرسمية.
تراجعت تحويلات المصريين العاملين في الخارج بنحو 26 بالمئة في الفترة بين يوليو 2022 إلى مارس 2023 في الوقت الذي تعاني فيه البلاد من شح العملة الصعبة.
أظهرت بيانات البنك المركزي المصري عن أداء ميزان المدفوعات، الصادرة الثلاثاء، أن تحويلات المصريين بالخارج انخفضت إلى حوالي 17.5 مليار دولار في الفترة ما بين يوليو ومارس من العام المالي الجاري، مقابل نحو 23.6 مليار دولار في نفس الفترة من العام الماضي.
وقال البنك المركزي المصري إن عجز حساب المعاملات الجارية شهد تحسنا ملحوظا ليهبط إلى 5.3 مليار دولار في الفترة من يوليو 2022 إلى مارس 2023 مقارنة مع 13.6 مليار في نفس الفترة من العام المالي السابق.
تكلفة مرتفعة
وفيما يعتقد محللون بأن ارتفاع العائد بالشهادات الجديدة من شأنه أن يحمل البنكين “تكلفة مرتفعة”، لا ترى الخبيرة المصرفية، سهر الدماطي، مخاطر واضحة في هذا السياق، موضحة في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” أنه يُمكن توظيف الحصيلة الدولارية لتلك الشهادات في استثمارات أخرى بعوائد مرتفعة خارج مصر وأكثر من أداة متاحة في ذلك الصدد، على سبيل المثال (اليورو دولار).
وتشير في الوقت نفسه إلى أن مصر بحاجة إلى وفرة في العملة الأجنبية، خاصة في ظل تراجع تحويلات المصريين بالخارج، بعد أن كانت تصل إلى أكثر من 31 مليار دولار سنوياً (وفق بيانات 2021-2022) لكنها تراجعت بعد ذلك ولم تدخل القطاع المصرفي. وتبعاً لذلك فإن هذه الأدوات الائتمانية الجديدة من شأنها أن تحفز هذه التحويلات من أجل العودة من جديد ودخول القطاع المصرفي.
وتشير على سبيل المثال إلى الأدوات الثلاثة التي يتيحها البنك الأهلي (شهادة الأهلي بلس، شهادة الأهلي فوراً، برنامج القروض الشخصية)، موضحة أن تلك الأدوات من شأنها أن تكون محفزة إلى حد كبير للمصريين في الخارج من أجل تحويل مدخراتهم.
وتلفت إلى التسهيلات التي يتم تقديمها في هذا السياق من قبل البنكين من أجل ضمان سهولة تحويل المدخرات الدولارية من جانب المصريين بالخارج.
وفيما يتعلق بشهادات البنك الأهلي الجديدة، فتفاصيلها كالتالي:
“الأهلي بلس”، تبلغ مدتها 3 سنوات، وتقدم عائداً سنوياً 7 بالمئة يصرف ربع سنويا (كل 3 أشهر) بذات العملة (ويجوز الاقتراض بضمان الشهادة حتى 50 بالمئة من قيمتها بالجنيه المصري، لأغراض استثمارية، وبحد أقصى يصل إلى 10 ملايين جنيه، بسعر عائد قدره 2.25 بالمئة أقل من سعر إقراض البنك المركزي).
“الأهلي فورا”، وتبلغ مدتها 3 سنوات، بعائد سنوي 9 بالمئة، يصرف مقدما بـ”الجنيه المصري”، عن الفترة كلها، بواقع 27 بالمئة من قيمة الشهادة. ولا يجوز الاقتراض بضمانها، وتسترد الشهادة في تاريخ الاستحقاق بذات عملة الدولار الأميركي.
القروض الشخصية للمصريين العاملين بالخارج، بضمان تحويل معادل قيمة القسط بالعملة الأجنبية من الخارج، بحد أدنى للقرض 50 ألف جنيه، وحد أقصى 3 ملايين جنيه، بحيث يتم سداد الأقساط بالتنازل عن العملات الأجنبية وفقا لسعر الصرف المعلن وقت السداد، بسعر فائدة 2.25 بالمئة أقل من سعر إقراض البنك المركزي المصري، وقت الحصول على القرض، ولمدة تصل إلى 4 سنوات.
كما أتاح بنك مصر شهاداتين جديدتين، على النحو التالي:
شهادة “إيليت”، ومدتها 3 سنوات، بعائد سنوي 7 بالمئة، يصرف بالدولار ربع سنويا، ويمكن الاقتراض بضمانها بالجنيه المصري حتى 50 بالمئة من قيمتها وبحد أقصى 10 ملايين جنيه، ويتم استرداد قيمتها في نهاية المدة بالدولار.
شهادة “القمة”، مدتها ثلاث سنوات، بعائد 9 بالمئة سنويا، يصرف مقدما لثلاث سنوات بعائد تراكمي 27 بالمئة بالجنيه المصري. يمكن للمصريين والأجانب شراء الشهادتين بفئة ألف دولار ومضاعفاتها.
أوعية جاذبة
خبيرة أسواق المال، حنان رمسيس، تقول في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن الشهادات الجديدة التي أطلقها بنكا مصر والأهلي من شأنها جذب السيولة من المتعاملين ممن يريدون الاحتفاظ بالدولار وعدم التفريط به أو تحويله للعملة المحلية.
وتضيف: “سوف تجذب تلك الشهادات الدولار المُخزن تحت البلاطة (وهو مصطلح مُتداول في مصر يشير إلى الاحتفاظ بالثروة -العملات أو الذهب- في المنازل دون إنفاقها أو توجيهها لأي من القنوات الادخارية أو الاستثمارية)”.
وتشدد على أنه من المهم أن تكون هنالك مرونة من قبل البنوك المُصدرة من خلال تسهيل إجراءات الحصول على الشهادات.
وتضيف: “ما يميز الشهادات الجديدة هو عائدها المرتفع، والذي يعد عاملاً جاذباً، ذلك أن الشهادة الأولى تمنح عائداً سنوياً نسبته 7 بالمئة (تُصرف كل ثلاثة أشهر)، والثانية تمنح عائداً نسبته 9 بالمئة (يُصرف تراكمياً 27 بالمئة مقدماً للسنوات الثلاث بالعملة المحلية)، مع إتاحة الحصول على قروض للاستثمار”.
وتشير إلى أن الفائدة بالولايات المتحدة لا تتجاوز الـ 5.5 بالمئة، وبالتالي فإن عوائد الشهادات الجديدة التي تصل إلى 7 بالمئة هي عوائد مرتفعة، حتى لو تمت المقارنة بوجود سعر صرف موازي، لا سيما وأن الكثيرين ليست لديهم القدرة على التعامل في هذه السوق خاصة لعدم قانونيتها، وهذا يعني أن العائد الادخاري من تلك الشهادات في جميع الأحوال مرتفع جداً، وبما يشجع قطاعاً كبيراً من المصريين، من بينهم المصريين بالخارج”.
وحول ما إذا كانت الشهادات الجديدة تحمل مخاطر مرتفعة (تكلفة مرتفعة) بالنسبة للبنكين المصدرين، تضيف خبيرة أسواق المال: “إن لم تكن البنوك متحوطة ومُدركة تماماً أن تلك الشهادات من شأنها ضبط سوق الصرف، فإنهم لن يقدموا على إصدار أوعية ادخارية بهذا العائد”، موضحة أن تلك الأوعية الجديدة من شأنها المساعدة في النجاة من مقصلة متطلبات صندوق النقد الدولي.
المصريون في الخارج
من جانبه، يسلط الخبير الاقتصادي المصري، الدكتور أشرف غراب، الضوء على “المصريين في الخارج” بالأساس على اعتبار أن تلك الشهادات من شأنها جذب تحويلاتهم السنوية، وذلك عوضاً عن توجيهها للسوق الموازية، وهو الأمر الذي من شأنه توفير العملة الصعبة بالبلاد من خلال الحصيلة الكبيرة التي ستتدفق من خلال تلك الشهادات، جنباً إلى جنب والأدوات الأخرى التي تعتمد عليها الدولة في توفير النقد الأجنبي.
ويوضح أن تلك الأوعية الجديدة جاذبة لمدخرات المصريين بالخارج بشكل كبير، وبالتالي يُتوقع أن تسهم في زيادة تلك المدخرات عبر توجيهها بشكل مباشر للقطاع المصرفي، في وقت كانت قد أظهرت فيه البيانات الرسمية تراجع تحويلات المصريين في الخارج في الفترات الأخيرة، وهي التي تعتمد عليها الدولة في مصادر النقد الأجنبي إلى جانب عوائد قناة السويس والصادرات والعوائد السياحية.
في آسيا، يجري درس تأثير ظاهرة إل نينيو المناخية، المرتبطة عموما بزيادة درجات الحرارة العالمية.
في الوقت الحالي، لم يُلاحَظ أي تأثير كبير على الأرز. وأوضح باتريسيو مينديس ديل فيار، المتخصص في الأرز والخبير الاقتصادي في مركز التعاون الدولي للبحوث الزراعية من أجل التنمية أن “الأمطار الموسمية وصلت بشكل طبيعي، ما سمح بزراعة المحاصيل في ظل ظروف جيدة”.
لكن من دون انتظار، اتخذت الهند التي تمثل 40 بالمئة من التجارة العالمية، إجراءات لحظر تصدير الأرز الأبيض اعتبارا من 21 يوليو سعيا إلى “ضمان” الإمدادات و”لجم ارتفاع الأسعار في السوق المحلية”.
وعلق فيار أن هذا القرار قد يؤدي الى مفاقمة الظواهر التضخمية فيما أسعار الأرز العالمية اليوم “ارتفعت بنسبة 30 بالمئة خلال عام”، حتى لو كان جزء من الحجم الذي تصدره الهند عادة “يمكن أن تعوضّه تايلاند وفيتنام وباكستان التي تستعيد مستوى إنتاجها للعام 2021″.
وأشار إلى عامل آخر مطمئن في ما يخص الأرز: ف”المخزونات مريحة” وتعادل “37 بالمئة من الاستهلاك السنوي”، مقابل 25 بالمئة إبان أزمة 2008.



